Wednesday, April 17, 2019

خمس دول تنقذ كوكب الأرض

قد تبدو التقارير الأخيرة بشأن المناخ العالمي مثيرة للقلق، إذ ذكر بحث نُشر في دورية "ساينس" أن درجة حرارة المحيطات ترتفع بوتيرة أسرع بنسبة 40 في المئة مقارنة بالتقديرات السابقة.
وحذر الفريق الحكومي المعني بتغير المناخ في تقريره الصادر في نهاية العام الماضي من أن ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدي إلى حدوث فيضانات وموجات جفاف ونقص الغذاء وحرائق الغابات بحلول عام 2024، ما لم تتخذ إجراءات ثورية.
وبينما لا يزال الطريق أمام المجتمع الدولي طويلا لمواجهة تبعات تغير المناخ، فإن بعض الدول حظيت بإشادة عالمية بسبب إسهاماتها الإيجابية في الحفاظ على كوكب الأرض، وفقا لمؤشر الدول الجيدة، الذي وضعة سايمون أنهولت، المستشار السياسي المستقل، لتقييم تأثير سياسات وممارسات كل دولة على البشرية وكوكب الأرض، مثل تأثير كل دولة على البيئة قياسا بحجم النمو الاقتصادي ومدى اعتمادها على مصادر الطاقة المتجددة.
وقد تحدثنا إلى بعض سكان أكثر الدول حفاظا على البيئة، وسألناهم عن طبيعة الحياة في بلد يُسهم أكثر من غيره في الحفاظ على كوكب الأرض.
تصدرت النرويج قائمة الدول التي تتبنى أفضل الممارسات للحفاظ على كوكب الأرض والمناخ، وذلك تتويجا لجهودها ودورها الريادي في مجال الحفاظ على البيئة. إذ سُجلت في النرويج أعلى نسبة تملك للسيارات الكهربائية في العالم وتعهدت الحكومة بالقضاء تماما على انبعاثات الغازات الملوثة للبيئة بحلول عام 2030.
لكن العلاقة الوثيقة التي تربط سكانها بالطبيعة تتجاوز حدود السياسات، إذ يدرك النرويجيون أهمية "الحياة في الهواء الطلق" وفوائد ذلك على الصحة والسعادة.
ويقول أكسيل بنتسين، مؤسس شركة "أيربان شيرينغ" التي تدير برنامج استعارة الدراجات بمدينة أوسلو: "يعد الخروج في الهواء الطلق جزءا متأصلا في ثقافتنا وقد يرقى لدى البعض إلى مرتبة الطقوس الدينية. فنحن نخرج إلى الطبيعة ونستمع بها مهما ساءت الأحوال الجوية. ولا توجد مدينة في العالم غير أوسلو تجتاز فيها المواصلات العامة الغابات لتتيح لك الفرصة للتجول في جنباتها قبل الذهاب إلى العمل أو بعده".
وقد نالت العاصمة النرويجية أوسلو لقب عاصمة أوروبا الخضراء لعام 2019، تقديرا لجهودها في الحفاظ على مجاريها المائية وتطويرها، والاستثمار في برامج وطرق الدراجات والنقل العام ومشروعاتها المبتكرة لمكافحة التغير المناخي، بتحويل انبعاثات الكربون إلى شيء مادي يمكن قياسه. كما عملت البلدية على إخلاء قلب المدينة من السيارات.
ويقول بينتسين: "أزالت البلدية جميع المساحات المخصصة لانتظار السيارات من المدينة منذ بداية العام الماضي، لتوفير مساحة أكبر للدراجات والمارة".
وبالرغم من أن النرويج تولّد 99 في المئة من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية من الموارد المائية، إلا أنها لا تزال من كبريات الدول المصدرة والمنتجة للنفط، وقد أثار هذا الأمر جدلا واسعا في الأوساط السياسية.
يقول ديفيد نيكل، مغترب بريطاني يعيش في النرويج منذ عام 2011: "يرى الكثيرون أن الأرباح التي يدرّها استخراج النفط والغاز وتصديرهما على البلاد تستخدم في تمويل المشروعات البيئية التي تفيد العالم، وقد تلهم المدن والبلدان الأخرى لتحذو حذوها. بينما يرى أخرون أن النرويج، بتصديرها للنفط، تكيل بمكيالين".
حلت البرتغال في المرتبة الثالثة على قائمة الدول التي تتبنى أفضل الممارسات للمحافظة على كوكب الأرض، إذ كانت البرتغال من أوائل البلدان التي تستثمر في تطوير شبكة متكاملة من محطات شحن السيارات الكهربائية، التي كانت حتى وقت قريب بالمجان. وقدمت الحكومة حزمة حوافز وتسهيلات للمواطنين المستثمرين في مجال توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، وفتحت لهم الأبواب لبيع الكهرباء المتولدة من المصادر المتجددة لشبكة توزيع الكهرباء.
تقول ماريانا ماغاليس، مديرة اتصالات برتغالية الأصل تعيش في المملكة المتحدة: "يمتلك معظم جيراني ألواحا شمسية أو مضخات لمعالجة مياه الأمطار لاستخدامها في ري النباتات وغسيل الملابس وسقاية الحيوانات الأليفة"، وتضيف أنها فوجئت بأن أعداد السيارات الكهربائية في لندن أقل من أعدادها في أصغر القرى بالبرتغال.
وتنتشر في كل منطقة في البرتغال سلال مخصصة لإعادة التدوير وإنتاج السماد العضوي من مخلفات الأطعمة. كما لعب التعليم دورا رئيسيا في تشجيع البرتغاليين على الحفاظ على البيئة. وتقول ماغاليس: "كثيرا ما كنا ندرس أهمية البيئة في المرحلة الثانوية، ونتلقى دروسنا في المتنزهات العامة لغرس حب البيئة في نفوسنا".
وظلت البرتغال تعتمد على الزراعة لسنوات طويلة مستفيدة من وفرة مواردها الطبيعية، من مياه ورياح. وتقول ماغاليس: "تكثر في البرتغال توربينات الرياح والسدود لتوليد الطاقة الكهربائية". وتقول جوانا ميندس، مديرة أحد المنتجعات جنوبي البرتغال: "اتجهت البلاد نحو توليد الطاقة من المصادر المتجددة لأنها أقل سعرا من مصادر الطاقة البديلة".
وبالرغم من أن الدراجات أقل انتشارا في العاصمة لشبونة منها في سائر العواصم الأوروبية، بسبب أراضيها شديدة الانحدار، إلا أن دراجات "السكوتر" الكهربائية لاقت رواجا كبيرا بين سكان لشبونة الذين يستأجرونها بوصفها وسيلة للتنقل صديقة البيئة.